الرئيسية » 2014 » مايو » 29 » الضمانات القانونية المطلوبة لتكريس حرية الصحافة في التشريع العراقي
1:22 PM
الضمانات القانونية المطلوبة لتكريس حرية الصحافة في التشريع العراقي

الضمانات القانونية المطلوبة لتكريس حرية الصحافة في التشريع العراقي

عادل كاظم سعود

تدريسي في كلية القانون - جامعة كربلاء

المقدمة

نصت المادة 36 من الدستور العراقي لسنة 2005 ضمن الفصل الثاني تحت عنوان الحريات على ما يلي:

تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب:

 

أولا- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.

 

ثانياً- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.

 

ثالثاً- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون.

 

كما نصت المادة(45) من الدستور "لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءاً عليه، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية.

 

الصحافة وسيلة مكتوبة للتعبير عن الرأي وأداة لتكوين الرأي العام فضلاً عن كونها وسيلة للإبلاغ ونشر الأخبار.

ولكلمة الصحافةpress  معنيان:معنى ضيق تقليدي يجعلها تقتصر على المطبوعات الدورية كالصحف اليومية أو الأسبوعية ومعنى واسع حديث يشمل إلى جانب الصحافة المطبوعة أو المكتوبة، الصحافة المسموعة أو المرئية، وأضيف إليها في فترة لاحقة الصحافة الالكترونية، إلا انه رغم التطور التكنولوجي لا تزال أهمية الصحافة المطبوعة في الاتصال وتبادل الأفكار الكبيرة والأساسية.

 

ويمكن القول بان حرية الصحافة لا مجال للحديث عنها بعيداً عن أجواء الحياة الديمقراطية فقد قال جانب كبير من الفقه الغربي بعدم إمكانية الحديث عن حرية الصحافة في ظل أنظمة غير ديمقراطية، وتكتسب حرية الصحافة أهميتها من كونها من أهم فروع ممارسة حرية الرأي والتعبير، وذلك لما لها من طابع سياسي ذلك لأنها تلعب دوراً مهماً في رقابة سياسات وأعمال الحكومة وتوجيهها ودعمها بالنقد البناء اللازم لبناء الدولة.

وطالما كانت الحقوق والحريات لا تعطى ولا تمنح من قبل الحاكم وإنما تكتسب بالولادة وتنتهي بوفاة الإنسان فان حرية الصحافة هي ليست منحة وإنما هي حق أساسي لأبناء الشعب ولذلك وفي ضوء التحول من الدكتاتورية إلى الديمقراطية فقد شهدت الصحافة في مساحة كبيرة من الحرية الواقعية تمثلت بالانفتاح الإعلامي الكبير وقد قدمت الصحافة العراقية في سبيل انتزاع حريتها الكثير من خيرة أبناءها البررة.

 

ولكي نضمن عدم عودة الدكتاتورية وغياب الرقابة الحرة من جديد ممثلة بالصحافة الحرة والهادفة إلى بناء دولة القانون جاءت أهمية موضوع البحث وتنقسم دراسة البحث إلى مبحثين، الأول تناول تنظيم حرية الصحافة، أما الثاني فقد ركز على الضمانات القانونية المطلوبة لحرية الصحافة.

 

 

المبحث الأول

 

تنظيم حرية الصحافة

الصحيفة لغة هي ما يكتب فيه من ورق أو نحوه، أما اصطلاحاً فهي المطبوع الذي يحمل اسماً معيناً، ويصدر بصفة منتظمة أو غير منتظمة ليحمل للقراء ما تيسر من الأنباء والآراء . والصحافة وسيلة مكتوبة للتعبير عن الرأي وأداة لتكوين الرأي العام فضلاً عن كونها وسيلة للإبلاغ ونشر الخبر(1).

ولكلمة الصحافة press معنيان:

 

معنى ضيق تقليدي يجعلها تقتصر على المطبوعات الدورية كالصحف اليومية أو الأسبوعية ومعنى واسع حديث يشمل إلى جانب الصحافة المطبوعة أو المكتوبة الصحافة المسموعة أو المرئية وكذلك الصحافة الالكترونية إلا انه رغم التطور التكنولوجي لا تزال أهمية الصحافة المطبوعة في الاتصال وتبادل الأفكار كبيرة وأساسية. ولدراسة تنظيم حرية الصحافة نتطرق لموضوعين مهمين هما :

 

1-     جوهر حرية الصحافة.

2-     حرية الصحافة والتحديات.

3-     حرية الصحافة ومحظورات النشر.

 

 

 

المطلب الأول

 

جوهر حرية الصحافة

تعد حرية الصحافة فرعاً مهماً من فروع حرية الرأي والتفكير، وتمتاز بأهميتها الخاصة نظراً لطابعها السياسي، ذلك أنها تسمح بنقد الحكومة وكشف أخطائها أمام الرأي العام.وتعني حرية الصحافة عدم تدخل الحكومة فيما ينشر او عدم فرض إرادتها على الصحافة بإلزامها بنشر أو الامتناع عن نشر مادة معينة، مادامت لا تتجاوز في ذلك حدود القانون، ويقال إن حرية الصحافة تعتبر العجلة الأساسية التي تسير عليها الديمقراطية فلا وجود للديمقراطية بغير صحافة حرة بمعناها الواسع، بل أكثر من ذلك يرى البعض من الكتاب الغربيين بأنه لا مجال للحديث عن وجود حرية الصحافة إلا في بلد ديمقراطي حر لان حرية الصحافة لها مضمون سياسي مباشر.

 

ويمكن تبرير ممارسة حرية الصحافة إذا ما تم تحليل العملية الصحفية ذاتها فالصحافة في حقيقتها هي ممارسة لحرية التعبير من جهة والحق في الاطلاع من جهة أخرى، وهي مؤخراً بابٌ لممارسة الحق في الاتصال.

 

أولا - حرية الصحافة كحق للكاتب:

لعل حرية الرأي كحرية العقيدة على الرغم من تأكيد الدساتير عليها لا تحتاج إلى رعاية وضمانات لأنها ذات مضمون داخلي نفسي بخلاف حرية التعبير عن الرأي بمختلف الوسائل المشروعة قانوناً وفي مقدمتها من حيث الأهمية الصحافة. ومن حق كل فرد أن يتملك الصحيفة أو يصدرها لتكون وسيلة للتعبير عما يدور في نفسه، فان لم تمكنه ظروفه من إصدار صحيفة يتملكها فسيحاول التعبير عن رأيه من خلال صحف الآخرين الذين قد يتحكموا في آرائه وستكون حرية التعبير عن الرأي منتقصة.

 

وأصبح اليوم إنشاء الصحف باهظ التكاليف وبالتالي لم يعد باستطاعة أي شخص تملك الصحف وأصبحت مقتصرة على قلة من أصحاب رؤوس الأموال الذين يعملوا على تسخير صحفهم لتحقيق مصالحهم الخاصة عن طريق التأثير على الرأي العام ومشاعر الجماهير. ولا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار سوء استخدام الملكية الخاصة للصحف في حدود معينة، إلا إن ذلك لا يبرر حرمان الأفراد من حق إصدار الصحف، وإنما يدفع ذلك المشرع الى وضع الأنظمة القانونية التي من شأنها منع تلك الانحرافات والتصدي لما قد يقع منها.(2)

 

ثانياً - حرية الصحافة كحق للقارئ

من حق القارئ أن يطلع على ما يصدر من آراء في الصحف المختلفة وأن يقارن بينها وان يختار منها ما يتلاءم  مع اتجاهاته وميوله الفكرية وذلك ليس بهدف الإحاطة بما يدور من مجريات الأمور، وما يوجد في الساحة من اتجاهات وميول، وإنما ليتمكن أيضا من تكوين الرأي الذي يفضله ويساهم به  في الحياة.

وقد أكدت الثورة الفرنسية عام 1789  على هذا الحق في المادة 11 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن حيث أكدت ان حرية اتصال الآراء والأفكار لا يمكن كفالتها من حيث الواقع ما لم يتوفر للقارئ العدد الكافي من الصحف ذات الاتجاهات المختلفة والطبيعة المتنوعة. وجاء بعد ذلك قانون الصحافة الفرنسية عام 1881، ليؤكد على حرية الصحافة ويحررها من كافة القيود السياسية والإدارية التي كانت تكبلها، فنص على أن الطباعة والصحافة حرتان، وان لكل فرد الحق في إصدار صحيفة دون ترخيص سابق أو إيداع تامين نقدي، وأوكل أمر إصدار الصحف إلى القضاء ولم يتطلب من صاحب الصحيفة إلا مجرد إخطار يتقدم به إلى النيابة العامة يحدد فيه البيانات الصحفية المطلوبة للإصدار(3).

 

ثالثاً- حرية الصحافة والحق في الاتصال :

بدأ في المدة الأخيرة يكثر الحديث من بعض الفقهاء الفرنسيين عن حق جديد من حقوق الإنسان أطلق عليه الحق في الاتصال وهو حق طبيعي يقوم على حاجة اجتماعية ضرورية لكل إنسان باعتباره كائناً اجتماعياً لا بد له من الاتصال بالآخرين وهذا الحق ذو مضمون واسع، فهو يشمل إلى جانب حرية الرأي والتعبير عنه حرية الإعلام وحق إبلاغ الآخرين وحق الحصول على المعلومات الصحيحة وحق الاجتماع بالآخرين وتكوين الجمعيات وحرية التنقل(4).

ويبرز الحق في الاتصال فكرة الديناميكية أو الحركة التي ينبغي أن تواكب المعلومات فتجعلها في حالة ذهاب وإياب وإرسال واستقبال. فقد كان التركيز في الماضي ينصب على جانب إرسال المعلومات للآخرين وذلك بممارسة حق التعبير عن الرأي بمختلف الوسائل المشروعة والتي من أهمها الصحافة. ولتحقيق المزيد من التفاعل بين الصحافة والجمهور تحولت من وسيلة للإعلام فقط إلى وسيلة للاتصال في النهاية أصبح للصحافة دور مهم في استقبال آراء وتوجهات وآمال الجمهور، ولذلك يلاحظ إن الصحافة اليوم مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو صحافة الانترنيت تفتح أبوابها لتتلقى مشاركات الجمهور وتبادل الآراء.

 

 

 

المطلب الثاني

 

حرية الصحافة والتحديات

هناك أنواع متعددة من التحديات تتمثل بالضغوط التي تفرض على حرية الصحافة خاصة في الدول ذات الأنظمة غير الديمقراطية ويمكن تصنيفها وإيجازها بما يلي:

 

أولا / الضغوط القانونية:

 

قد يضع الدستور أو قانون الصحافة أو قانون العقوبات قيوداً على ممارسة حرية الصحافة، ويتعرض من يخالفها إلى جزاءات رادعة لعل أهمها ما يلي:

*       عدم السماح بممارسة مهنة الصحافة إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق.

*       وضع العقوبات على من ينتقد الحكام أو يبرز مساوئ أفعالهم وتصرفاتهم.

*       فرض الرقابة المسبقة على ما سينشر في الصحف، فلا ينشر إلا ما يجيزه الرقيب الذي تعينه الحكومة.

*        تأميم الصحف أو دمجها أو إغلاقها أو وقفها.

 

ثانياً - الضغوط السياسية(5):

 

تتمثل الضغوط السياسية على الصحافة في أمور عدة أهمها:

*       عدم تزويد الصحفيين بالمعلومات والبيانات الحكومية الا الصحفيين الموالين للحكومة.

*       إدارة الأخبار بواسطة متحدثين صحفيين منتشرين في كل مكان.

*       فرض الرقابة على الصحف من خلال التدخل في تعيين مديري تحرير الصحف.

*       إبلاغ رؤساء التحرير بما لا يجوز نشره وإلا عرضوا أنفسهم وصحفهم للإجراءات التعسفية.

*       إيذاء الصحفيين بالفصل أو الاعتقال أو التعذيب أو الاغتيال.

 

ثالثاً - الضغوط الاقتصادية :

 

تشمل الضغوط الاقتصادية التي يمكن أن تمارس على الصحافة أمورا عدة نذكر منها:

*       منح الإعانات والامتيازات للصحف التي تسير في ركاب الحكومة ومنعها عن صحف المعارضة وغير الموالية للحكام.

*       التحكم في أسعار بيع الصحف وتحديد أسعار الإعلانات التجارية.

*        استخدام الإعلانات الحكومية كوسيلة للضغط على الصحف وتطويعها لصالح الحكومة.

*       سحب الصحف من السوق ومنع توزيعها بعد صدورها مما يتسبب خسائر مالية كبيرة لتلك الصحف.

 

 

المطلب الثالث

 

حرية الصحافة ومحظورات النشر

هنالك بعض الحريات المطلقة التي لا حدود لها كحرية العقيدة وحرية الرأي لأنها تتعلق بضمير ووجدان الإنسان ولا ضرر يصيب المجتمع من خلال ممارسة هذه الحريات كونها مجرد حريات داخلية لا تتجاوز نطاق النفس البشرية إلى الخارج. إلا أن اغلب الحريات ليست مطلقة وإنما لها حدود يجب أن لا تتعداها أولها بعض الاستثناءات التي ترد عليها وتدخل حرية الصحافة ضمن هذه الفئة الأخيرة فترد عليها بعض الاستثناءات التي تتضمن المسائل التي لا يجوز نشرها(6).

ويمكن إيجاز محظورات النشر في الصحافة في القانون العراقي:

1-        الأمن القومي الداخلي.

2-        الأمن القومي الخارجي.

3-        المصالح الاقتصادية للدولة.

4-        أخلاقيات المجتمع.

5-        الشعور الديني.

6-        المعلومات السرية.

7-        تضليل الجمهور.

8-        الحريات الفردية.

 

أولا- المساس بالأمن القومي الداخلي:

يجب على الصحافة أن تمتنع عن نشر أي خبر أو معلومة أو أمر من شأنه المساس بالأمن القومي داخل الدولة وذلك كالتحريض على ارتكاب الجرائم والترويج للإخلال بالنظام العام والدعوة لاعتناق الأفكار الهدامة والتشجيع على قلب نظام الحكم بالقوة. وكذلك نشر أخبار أو معلومات تثير الذعر والخوف بين الناس.

 

ثانياً- المساس بالأمن القومي الخارجي:

لا يجوز كذلك نشر أية  معلومات بما يمس الأمن القومي الخارجي سواء تعلق الأمر بشؤون الدفاع أو بالعلاقات الودية بين الدول(7).

الهدف من المنع هو لعدم إتاحة الفرصة للدول الأخرى للاستفادة من هذه المعلومات بما قد يستخدم للإضرار بالدولة أو إضعافها ويستثنى من ذلك الأمور والأسرار التي يتم الكشف عنها من قبل السلطات المختصة أو سمحت لوسائل النشر بذلك . كما لا يجوز الإضرار بمصالح الدولة أو الدول الأخرى  من خلال نشر أمور قد تؤدي إلى ذلك(8).

ثالثاً- المساس بالمصالح الاقتصادية:

لا يجوز نشر أخبار أو معلومات من شانها الإضرار بالمصالح الاقتصادية للدولة وذلك كنشر أنباء تؤدي إلى الاضطراب الاقتصادي وهرب رؤوس الأموال إلى الخارج والإضرار بالعملة الوطنية .وكذلك نشر أخبار إفلاس البنوك والتجار دون إذن من المحكمة المختصة.

 

رابعاً- أخلاقيات المجتمع:

لكل مجتمع أخلاقياته وقيمه التي يتمسك بها ويعدها من الأسس التي يقوم عليها وفي حال انتهاكها سيؤدي إلى اضطراب في أحوال المجتمع. وبالتالي لا يجوز نشر أية أمور من شأنها المساس بتلك القيم والأخلاق، وذلك بالدعوة إلى الفحش والفجور والتفرقة بين الناس لاعتبارات شخصية وبلا مبررات موضوعية وإثارة التفرقة بين أبناء المجتمع وبث البغضاء بينهم(9).     

 

خامساً - المساس بالشعور الديني:

يحظر على الصحافة نشر أمور من شأنها المساس بالعقيدة الإسلامية السمحاء أو المساس بالمقدسات الإسلامية، وكذلك المساس بإحدى الأديان السماوية الأخرى أو المذاهب، أو التحريض على البغض الطائفي أو الديني أو العنصري.

 

سادساً - المساس بحسن سير العدالة :

هناك حالات تقرر فيها المحاكم لضمان تطبيق القانون وحسن سير العدالة ومنع نشر أي أخبار عنها كما في أخبار محاكم الأحداث أو نشر أخبار التحقيق الابتدائي والتي قرر القانون أو سلطة التحقيق حظر نشرها، أو الدعاوى في مرحلة المحاكمة كنشر ما جرى في الدعاوى المدنية والجزائية التي قررت المحكمة سماعها في جلسة سرية، أو في مرحلة الحكم إذا قررت المحكمة الحد من علانية الحكم لتعلقه بالنظام العام أو الآداب العامة ومها مسائل الأحوال الشخصية(10).

 

سابعاً - المساس بالحريات الخاصة للأفراد:

لا يجوز للصحافة في معظم التشريعات والقوانين التي تنظم ممارسة حرية الصحافة الاعتداء على حرية الحياة الخاصة للمواطنين، فالمشرع المصري يجرم بمقتضى المادة309 مكرر الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين(11).

ثامناً - المساس بشرف واعتبار الأشخاص:

كذلك يحضر على الصحافة أن تنشر أية أمور أو وقائع من شأنها المساس بالمصالح الأدبية للأفراد والمتمثلة بالحق في حماية الشرف والاعتبار(12). وقد اعتبر المشرع من انتهك حرمة الشرف أو اعتبار الشخص مرتكباً لجريمة قذف وفق المادة 433/1 من قانون العقوبات إذا اسند وقائع معينة من شانها أن تمس بشرف واعتبار الأشخاص، أما إذا اسند أموراً مشينة أو معيبة لشخص ما مما يستوجب الاحتقار لدى الآخرين فنكون أمام واقعة السب العلني المجرمة وفق المادة 433/2 من قانون العقوبات.

 

المبحث الثاني

الضمانات القانونية المطلوبة لتكريس حرية الصحافة

جاء الدستور العراقي لسنة 2005 ليؤكد على حرية الصحافة والتي رأت النور بعد مدة من حجب الحريات ومصادرتها امتدت لما يقارب النصف قرن، وازداد التحكم بالإعلام خلال مدة حكم النظام البائد حيث سخر الصحافة لتمجيد سياسته العدوانية وأصبح الإعلام مجرد أبواق للدعاية للنظام وتم إسكات جميع الأصوات الحرة والوطنية التي لا تؤيد سياسة حكم الدكتاتور.

وما إن سقط النظام في 9/4/2003 حتى عاشت الصحافة العراقية حالة لم تشهد لها مثيل من قبل، وهي حرية واقعية فرضتها الظروف التي تمر بها أجهزة الدولة وسلطاتها من إعادة التشكيل والبناء على مختلف المستويات والأصعدة والصحافة واحدة من الأجهزة التي يراد لها أن تشكل من جديد وبصورة تختلف عما كانت عليه أيام النظام البائد. ولذلك فان من الضروري تشريع قانون جديد يعنى بتنظيم ممارسة هذه الحرية، وان يتضمن هذا القانون كما هو الشأن في قوانين الدول المتقدمة وحتى بعض الدول العربية  بعض الضمانات التي تكرس حرية الصحافة واهم هذه الضمانات:

1 -        إصدار قانون للصحافة.

2 -        تشكيل مجلس أعلى للإعلام.

3-        تنظيم أحكام جرائم النشر.

4 -        ضمان حقوق الصحفيين.

 

 

 

المطلب الأول

إصدار قانون للصحافة

( دراسة النموذج الفرنسي لأهميته وقدمه)

 

لم تدخل حرية الصحافة في مصاف الحريات الأساسية إلا بعد الثورة الفرنسية فقد وضعت الجمعية الوطنية الفرنسية أساسا لتشريع جديد أكثر حرية في 26  أغسطس / آب 1789 والذي أكد في المادة الأولى " إن حرية إيصال الأفكار والآراء هي أغلى حقوق الإنسان(13)" ولكل مواطن إذن أن يتكلم ويكتب ويطبع بحريه ولا يصبح مجالاً للمسائلة إلا عند إساءة استعمال هذه الحرية في الحالات المحددة قانوناً. والحرية لا تمنح ولا يعترف بها ولكنها مبدأ أساس فالقانون لا يمنح الحرية، ولكن الإنسان يمتلكها عند مولده.

وصدر دستور 3/سبتمبر سنة1791 وأكد مبدأ حرية الرأي والتعبير والنشر من خلال النص على إن النص حرية كل إنسان في أن يتكلم ويكتب ويطبع وينشر أفكاره دون أن تخضع كتاباته لأية رقابة أو تفتيش قبل نشرها وقد أكدت الدساتير المتعاقبة ذلك.

أما بالنسبة للتنظيم القانوني لحرية الصحافة، فلم تظهر إلا من قانون نابليون الصادر سنة 1810 والذي اقر المبادئ الأساسية لحرية الصحافة  مع خلوه من ثمة تنظيم خاص فيما يتعلق بتجريم التجاوزات في مجال النشر، وقد صدر أول تنظيم قانوني في هذا المجال سنة 1819 بصدور ثلاثة قوانين  هي قانون 17 مايو سنة 1819 بشأن الجنح والجنايات التي ترتكب بواسطة الصحافة أو بأية وسيلة من وسائل النشر، وقانون 26 مايو سنة 1819 الخاص بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وقانون 9 يونية  سنة 1819 الخاص بتنظيم نشر المطبوعات الدورية والذي الغي الرقابة على الصحفيين، ثم صدرت في فترات لاحقة عدة تشريعات وقوانين، إلا إن حرية الصحافة دخلت مرحلة جديدة بصدور قانون الصحافة الفرنسي في 29 يوليو 1881 وهو القانون الساري المفعول ليومنا هذا، وقد ألغى القانون كافة القوانين السابقة المتعلقة بالصحافة، وكان الهدف إحلال قانون موحد وكامل ينظم حرية الصحافة بدل الخليط التشريعي في نصوص مبعثرة بين عدة قوانين وتشريعات. وأصبح بالإمكان تنظيم حرية الصحافة بحيث أمكن التوفيق بين مبدأ الحرية ومبدأ المسؤولية لأول مرة في هذا القانون(14).

وإذا كان هذا حال حرية الصحافة في بلد يعتبر مهماً لهذه الحرية ومؤسساً لها ومتقناً فما أحوجنا اليوم لان نستفيد من هذه التجربة القوية وان نشرع قانوناً للصحافة، ينظم هذه الحرية وفق قواعد وأسس قانونية واضحة ويتم فيه بيان لحقوق وواجبات الصحفيين، ويرسم طريقاً واضح المعالم لممارسة حرية الصحافة بعيدا عن محظورات النشر وعدد قواعد المسؤولية من جرائم النشر، ويعد إصدار مثل هذا القانون من أهم الضمانات المطلوبة لإرساء دعائم صحافة حرة.

المطلب الثاني

المجلس الأعلى للإعلام

الضمانة الأخرى لتكريس حرية الصحافة هو عدم ارتباط الصحافة بأجهزة الدولة وتحريرها من كافة أنواع الرقابة السابقة، ولذلك لابد من قيام جهاز محترف يرعى شؤون الصحافة ويتمثل هذا الجهاز المستقل في فرنسا بالمجلس الأعلى للإعلام السمعبصري والذي يشابه إلى حد بعيد في تشكيلة مجلس الدستوري الفرنسي، فيتكون من تسعة أعضاء يعينون لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد، يعين كل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ ثلاثة من أعضاءه، ويجدد تعيين ثلث الأعضاء كل سنتين ويختار رئيس الجمهورية رئيس المجلس من بين الأعضاء الذين يقوم بتعينهم، ولا يعتبر رؤساء الجمهورية السابقين أعضاء فيه بحكم القانون.

أما مظاهر استقلال أعضاء المجلس يتمثل في تعارض ممارسة وضيفتهم مع أي تمثيل نيابي أو وظيفة عامة أو أي نشاط مهني، ويحظر عليهم الاحتفاظ بأي منفعة أو مصلحة في المشروعات السمعبصرية أو السينما أو النشر أو الصحافة أو الإعلان أو وسائل الاتصال عن بعد، أثناء مدة عضويتهم. وأي مخالفة لهذه المحظورات يستتبع قانون الإعلان عن إقالة العضو المخالف بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس نفسه. وفضلا عن ذلك يحظر على عضو المجلس خلال مدة عضويته وخلال سنة من انتهاءها إن يتخذ موقفاً عاماً بشأن مسالة يختص بها المجلس أو قابلة لأن تعرض عليه.

ولكي تتضح الصورة أكثر لابد من تسليط الأضواء على أهم اختصاصات هذا المجلس وهي طبقاً لقانون 17 يناير 1989 كالأتي:

 

أولاً - الاختصاص الاستشاري(15).

يختص المجلس بعد من الاختصاصات الاستشارية يمكن إيجازها بما يلي:

1 -        تقديم المقترحات الرامية إلى تحسين نوعية البرامج.

2 -        إعطاء الرأي بشأن موقف فرنسا في المفاوضات الدولية المتصلة بالراديو والتلفزيون.

3 -        رفع توصيات للحكومة بهدف تنمية المنافسة في أنشطة الاتصالات السمعبصرية وبيان الرأي في مضمون دفاتر الشروط للشركات العراقية للبرامج.

4-        الرد على طلبات الحكومة أو البرلمان المتصلة بتقديم الرأي أو إجراء الدراسات المتعلقة بالإعلام السمعبصري.

5-        تقديم تقرير قوي عن نشاطه (المجلس) لكل من رئيس الجمهورية والبرلمان يقترح فيه ما يرى جداوة من التعديلات في القوانين واللوائح المتصلة بالموضوع.

 

ثانياً - إجراءات التعيينات

يختص المجلس بتعيين رؤساء الشركات القومية للبرامج بما في ذلك تعيين الرئيس المشترك لقناتي فرنسا(2) وفرنسا(3) وكذلك تعيين ثلث عدد أعضاء مجالس إدارتها.

 

ثالثا - إصدار التراخيص

يقوم المجلس بإصدار التراخيص اللازمة لإقامة محطات الإذاعة الخاصة وقنوات التلفزيون الخاصة، وقد تطلب القانون الفرنسي لإصدار الترخيص تحقق شرطان هما:

w       إبرام اتفاق بين المجلس والمستفيد من الترخيص، مما يعني إقران الترخيص بعقد إداري.

w       قيام لجان فنية محلية مهمتها ضمان تحقيق أو تدقيق طلبات الترخيص ومدى توفر شروط منح الترخيص قبل عرضها على المجلس.

 

رابعاً - سلطة الرقابة

عهد القانون للمجلس بمراقبة القطاعين العام والخاص في مجال الإعلام السمعبصري فيما يتعلق باحترامها لالتزاماتهما، خاصة في مواد الإعلان وحماية الطفولة والمراهقة وتساعد المجلس في ذلك اللجان الفنية المحلية التي تقوم بدور الرقيب الدائم للإذاعات الخاصة الواقعة في إطارها الجغرافي(16).

وللمجلس الأعلى للإعلام سلطات فعالة في مواجهة القطاع الخاص الإعلامي فله صلاحيات تتمثل بما يلي:

1 .       التنبيه باحترام الالتزامات القانونية.

2 .       وقف أو تعطيل الترخيص أو جزء من البرنامج لمدة شهر.

3 .       إنقاص مدة الترخيص في حدود سنة.

4.       توقيع عقوبة مالية قد يصل مبلغها إلى 3% من رقم الأعمال أو 5% في حالة العود أي تكرار المخالفة.

5.       إلغاء الترخيص وتقديم بلاغ إلى النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية.

 

 

المطلب الثالث

تنظيم أحكام جرائم النشر

يشكل نشر بعض الأمور في الصحف أو أجهزة الإعلام المختلفة جرائم جنائية وتمثل تلك الجرائم إساءة لاستعمال حرية التعبير عن الرأي بنشر ما فيه إضرار بحقوق الجماعة أو الأفراد مما يدفع المشرع إلى حماية تلك الحقوق والمصالح وتجريم تلك الممارسات، وذلك سواء أكان الفعل المكون للجريمة ايجابياً كجرائم القذف والسبب أم سلبياً كالامتناع عن نشر التصحيح والرد.

ولجرائم النشر بعض الأحكام الخاصة التي تتميز بها عن غيرها من الجرائم العادية، ولابد من دراسة هذه الأحكام والتعرف على موقف القوانين منها والفقه كذلك بغية إدراجها في أي قانون خاص بالصحافة يصدر في العراق.

اولاً - المسؤولية المفترضة في جرائم النشر

افترض المشروع في فرنسا ومصر وغيرها من الدول مسؤولية رئيس التحرير أو المحرر في حالة عدم وجود رئيس تحرير عما ينشر في جريدته بصفته فاعلاً أصليا مع عدم الإخلال بالمسؤولية الجنائية لمؤلف الكتاب أو الرسم.

بل وافترض المشرع المصري مسؤولية رئيس الحزب السياسي عما ينشر في صحيفة الحزب فضلاً عن مسؤولية رئيس التحرير .

أي إن المشرع قد انشأ في حق المسئول عن الصحيفة قرينة قانونية بأنه يعلم بكل ما تنشره الجريدة التي يشرف عليها فمسؤوليته مفترضة بافتراض هذا العلم، وهو افتراض غير واقعي لأنه من الصعب على رئيس التحرير أن يقرأ حقيقة كل ما ينشر في صفحات جريدته ليوافق عليها ويأذن بنشره(16).

والاتجاه السائد في الفقه القانوني هو الميل إلى إلقاء هكذا نوع من المسؤولية أو الحد من آثارها القانونية، وبالتالي عدم اعتبار رئيس التحرير أو المحرر بمثابة الفاعل الأصلي في جريمة النشر .

 

ثانياً - حظر التوقيف أو الحبس الاحتياطي في جرائم الصحافة

التوقيف هو احتجاز المتهم مؤقتاً في احد السجون أو الأماكن المعدة لذلك الغرض لمدة تحددها السلطة المختصة قانوناً وفقاً للضوابط القانونية ومصلحة التحقيق.

وقد أخذت القوانين حديثاً في فرنسا ومصر بعد جواز التوقيف(الحبس الاحتياطي) من الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحافة، كما جاء ذلك في المادة 135 من قانون الإجراءات المصري والذي استثنى منها الجرائم المنصوص عليها من المواد 173، 179، 180 فقرة ثانية من قانون العقوبات المصري أو أمورا تتضمن طعناً في الأعراض أو تحريضاً على الفساد.

ولمنع تقييد حرية الصحفي من خلال التوقيف عند اقترافه لإحدى جرائم النشر يتضمن ذلك تأكيدا وضماناً قانونياً لحرية الصحافة من خلال بث الطمأنينة في نفس الصحفي وهو أساس عمله، دون أن يكون تحت تهديد تقييد الحرية الشخصية، وتتجه القوانين المعاصرة إلى عدم جواز التوقيف عن جرائم النشر وإذا سمعت بذلك فإنها تحدده في أضيق الحدود، وبناءاً على توافر أمر يبرره كخشية الهرب بعد الإدانة أو إيذاء الشعور العام، أو إيذاء المتهم بواسطة خصومه أو الجمهور(17) .

 

ثالثاً - إلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر

مما لا شك فيه إن النص على الحبس كعقوبة في جرائم النشر، من شأنه أن يلقي الخوف لدى الصحفيين في ممارستهم لأعمالهم ويجعلهم يترددون أو يحجمون عن التصدي لقضايا معينة أو اتخاذ مواقف حاسمة قد تدخلهم في مواجهة مع السلطة وأجهزة الحكم، وقد يؤدي بهم الأمر في نهاية المطاف إلى تجريمهم وتقييد حريتهم الشخصية بإدخالهم السجن وفرض عقوبة الحبس عليهم، هذا وقد ارتفعت مؤخراً الأصوات المنادية باستبدال عقوبة الغرامة بعقوبة الحبس في جرائم النشر انتصاراً لحرية الصحافة وتشجيعاً للعمل الصحفي الذي قد يعرض الصحفي لمواجهة مسؤولية عن جرائم النشر وان كان ذلك قد حصل عن جهلٍ أو بحسن نية .

كما أن عقوبة الغرامة أكثر ردعاً لأصحاب الصحف، خاصة إذا كان مبلغ الغرامة كبيراً من مجرد حبس احد صحفييها العاملين لديها والتي يمكن أن تعوضه بغيره من زملائه الصحفيين.

 

رابعاً- اختصاص محكمة الجنايات بنظر بعض الجنح الصحفية.

تفرق اغلب قوانين الإجراءات الجنائية في اختصاص النظر بالجنح الصحفية بين تلك التي تقع ضد الأفراد فتختص بها محكمة الجنح، وهذا هو المسار الطبيعي للأمور ويتفق مع القواعد العامة، وبين الجنح التي تقع ضد ممثلي السلطة العامة أو المضرة بالمصلحة العامة، كالاعتداء على الآداب العامة فيجعلها على خلاف الأصل من اختصاص محكمة الجنايات.

وقد اخذ بهذا التميز المشرع في المادة (1) من قانون الإجراءات الجنائية المصري حيث نص" تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد".

كما نصت المادة 216 من نفس القانون على أن تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية، أو جنحة تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طريق النشر.

عدا الجنح المضرة بأفراد الناس وغيرها من الجرائم الأخرى التي ينص القانون على اختصاصها بها.

وقد أثار التساؤل عن العلة في خروج المشرع عن القواعد العامة في توزيع الاختصاص الجنائي بالنسبة للجنح التي تقع بواسطة الصحف على غير الأفراد أو ما يسمى بالجنح الصحفية المضرة بالمصلحة العامة، وإدخالها ضمن اختصاص محكمة الجنايات فارجع البعض ذلك إلى رغبة المشرع في تحقيق اكبر قدر ممكن من الضمانات للصحفيين المتهمين بارتكاب هذه الجنح، وبالتالي الخروج على القواعد العامة المقررة في هذا الشأن وبالتالي يمثل ضمانة أخرى لحرية الصحافة وليس إضرارا بالصحفيين(18) .

بينما يرى جانب آخر من الفقه العكس من ذلك، بأن هذا المسلك فيه مساس بحرية الصحافة، ومن شان هذا التمييز ترهيب الصحفيين في ممارسة حرية الصحافة، وحق النقد ضد الحكومة ورجالها وفي ذلك مخالفات عدة للدستور نذكر منها(19):

1-        حرمان الصحفي المتهم من المثول أمام قاضيه الطبيعي.

2-        الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون.

3-        مخالفة مبدأ التقاضي على درجتين.

وبالتالي فان هذا الموقف من المشرع محل انتقاد وريبة في الغاية منه لان من شانه الترهيب للصحفيين وبالتالي الحد من حرية الصحافة إضافة إلى الانتقاص من حق التقاضي المتكامل بدرجاته المتعددة في مجال جرائم الصحافة وهذا الرأي أرجح من سابقه ولذلك نقترح عدم وجود نص مماثل له في التشريع العراقي.

 

 

 

الخاتمة:

نخرج من هذا البحث بمجموعة من الاستنتاجات والمقترحات لعل أهمها:

أولا/ الاستنتاجات

1-  المقصود من الصحافة ليس الصحافة المكتوبة وإنما الصحافة المسموعة أو المرئية وأضيف إليها في الفترة الأخيرة الصحافة الالكترونية وبالتالي الحديث عن حرية الصحافة يشمل جميع وسائل التعبير عن الرأي.

2-  الحرية لا تمنح من قبل الحاكم، وإنما يكسبها الفرد بولادته وتنتهي بوفاته ولذلك تحتاج هذه الحرية إلى ضوابط قانونية لممارستها، أي لا بد أن تكون هذه الحرية مسئولة ومنضبطة وفقاً للقانون.

3-  حرية الصحافة التي تمارس حالياً في العراق هي حرية واقعية اكتسبها الشعب العراقي بعد زوال حكم الاستبداد ولذلك تظهر الحاجة إلى قانون للصحافة كما هو الحال في اغلب الدول المتقدمة وحتى بعض الدول العربية.

4-  لكي نكرس حرية الصحافة يظهر الحاجة إلى عدم وجود رقابة عليها من قبل الإدارة والسلطة التنفيذية ولذلك تظهر الحاجة إلى وجود مجلس أعلى للإعلام كما هو عليه الأمر في فرنسا، يدير العملية الإعلامية.

ثانياً/ المقترحات

1-        لتدعيم حرية الصحافة نقترح النص على حقوق الصحفيين وهي الحق في إصدار الصحف وتملكها وعدم التعرض للمصادرة أو التعطيل وحق الحصول على المعلومات والحق في الاحتفاظ بسرية مصدر المعلومات والحق في إنهاء عقد العمل الصحفي.

2-        كذلك لتكريس حرية الصحافة نقترح النص في قانون الصحافة على تنظيم أحكام جرائم النشر مع وضع كل الضمانات للصحفيين لممارسة عملهم بكل حرية ومنها عدم تقييد حريتهم والتقليل من آثار المسؤولية المفترضة لمدير التحرير أو المحرر وإلغاء عقوبة الحبس واستبدالها بالغرامة والحق في المحاكمة أمام القضاء العادل.

3-        يتمتع الصحفي بكل الحقوق المالية المتمثلة في الرواتب والإعلانات والمكافآت والحق في نشر الرأي وان خالف رأي رئيس التحرير ما دام في حدود القانون.     

 

الهوامش:

1 - د.ماجد راغب الحلو، حرية الإعلام والقانون، منشأة المعارف الإسكندرية، 2006،ص81.

2 - د.ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص90.

3 - د.ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص92.

4- أعلن عن وجود هذا الحق الفقيه الفرنسي جان دارسيه عام 1969 للمزيد انظر د. ليلى عبد المجيد، تشريعات الإعلام في مصر-  دراسة حالة مصر، دار النهضة، القاهرة، 2001، ص60.

5 - د.ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص95.

6-  د. فاروق أبو زيد، فن الكتابة الصحفية ط4، عالم الكتب، القاهرة، 1990، ص179.

7- تنص المادة التاسعة من قانون تنظيم المصري رقم 96 لسنة 1996 على انه يحظر فرض أي قيود تعوق حرية تدفق المعلومات..دون إخلال بمقتضيات الأمن القومي والدفاع عن الوطن ومصالحه العليا.كذلك هذه الفعال مجرمة بموجب المواد189 ق1 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.

8-  د. طارق سرور، دروس في جرائم النشر، جامعة القاهرة، دار النهضة العربية، القاهرة 1997، ص175.

9-  د. طارق سرور، جرائم النشر والاعلام، المصدر السابق، ص55.

10- د. عمر سالم، نحو قانون جنائي للصحافي، الكتاب الأول، ط، القاهرة، 1994،ص165.

11-  الشرف والاعتبار قيمتان ترتبطان كل الارتباط بالإنسان فينشا الحق في الشرف والاعتبار بوجوده وينتهيا بوفاته، والتعبيران ليسا مترادفان فكل منهما له مدلوله الخاص فالشرف I'honneur  هو قيمة الإنسان ومكانته الاجتماعية التي تتكون من سلوكه والتي تتأثر به، أما اعتبار الإنسان laconsidration فهو سمعته ويرتبط بالصفات وبالمركز الذي يتبوؤه الإنسان في المجتمع ويتصل بصلاحيته لأداء دوره، كما يتعلق بواجباته نحو غيره من الأفراد وعلاقته بهم والتزاماته المهنية فإذا أنكر الجاني على غيره إحدى هذه الصفات أو انتقص منه اعتبر متعدياً على اعتباره للمزيد انظر د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم الخاص، ط2 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 1994، ص828.

12-  د. طارق سرور، جرائم النشر والاعلام، المصدر السابق، ص11.

13-  د. طارق سرور، جرائم النشر والاعلام، المصدر السابق، ص22.

14 -  د.ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص376.

15   - د.ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص378.

16-  قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بعدم دستورية المسؤولية المفترضة عن جرائم النشر عملاً  بنص المادة 29/1 من قانونها لان نص المادة 195 من قانون العقوبات افترض المسؤولية الجنائية لرئيس التحرير بصفته فاعلاً اصلياً للجرائم التي ترتكب بواسطة صحيفته، وهناك شبهه في مخالفة هذه المادة للمادتين 66،77 من الدستور التين تؤكدان شخصية العقوبة وتفترضان براءة المتهم. للمزيد انظر د.ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص280.

17-  عبد الحميد الشواربي، جرائم الصحافة والنشر، دار النهضة، القاهرة، 1997، ص150.

18-  عبد الحميد الشواربي، المصدر السابق، ص143.

19-  د.ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص383.

الفئة: المنتدى الثقافي الحر في العراق | مشاهده: 210 | أضاف: farhan | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
الأعضاء المٌسجلون فقط يٌمكنهم إضافة تعليقات
[ التسجيل | دخول ]
معلومات الاتصال
العراق - البصرة
قضاء شط العرب - التنومة
شارع الساحل



00964 farhan004far@yahoo.com
Mirum
sample map